كلمة اتحاد الكتّاب اللبنانيين – الأديبة ميراي شحادة
![](https://www.lebanesewriters.org.lb/wp-content/uploads/2025/01/Cover-780x470.jpg)
كلمة اتحاد الكتّاب اللبنانيين
نائب الأمين العام الأديبة ميراي شحادة
مساؤكم أشقر يا سادة
كلون الشمس في بيت شباب وحمرة فخّارها المفترّة في أباريق الضوء والمعرفة
ومساؤكم نديّ كالندى الوارف في روايات وأدب الكبير الراحل يوسف حبشي الأشقر.
ضمن سلسلة الندوات التكريميّة الفصليّة للأدباء اللبنانيّين، نطلّ عليكم هذا المساء بباكورة لقاءاتنا مع مجموعة أثيلة من الباحثين والباحثات : أ.د. لطيف زيتوني وأ.د. عبد المجيد زراقط، د.سميّة عزّام وأ.د. سلمى عطالله ود. محمد ماجد؛ ومن شرفات مملكته وفسيفساء أبجديته ووجع حبره النازف في أجاجين الورق، مرحى بكم في مروج الأديب والروائيّ اللبنانيّ العريق يوسف حبشي الأشقر.
أردناها تحيّة إلى أب الرواية اللبنانيّة الحديثة ومعه اعترافٌ وتعريف وأصالة وتأصيل وعودةٌ للجذور كي نطال بخمائل حبره السماء، وأقدامُنا ترسَخُ في الأرض عميقاً عميقاً.
أردناها باقة تحايا معطّرةً بالأمل رغم الألم لصاحب “طعم الرماد” و”ليل الشتاء” و”الأرض القديمة” و”أربعة أفراس حمر” و”لا تنبت جذور في السماء” و”الظلّ والصدى”!
جئناك يا “خطيب الضيعة” نبحث عن الإنسان، عن الهويّة، عن لبنان! فقد مللنا شاشات التلفزة والحواراتِ العقيمةَ والمنابرَ الممسرحة والقصائدَ المركّبة… أعرنا “مظلّتك” لتقينا قيظ السياسة والإتجار بمواطنة ثقافيّة مبتورة ومزيّفة؛ نبحث بين أوراقك الناصعة عن “ملك” للحكمة والوعي والإنسانيّة كي لا تبترنا أكثر هواجسُ الموت والرحيل…
جئناك يا “آخر القدماء” وأوّل النحاة نصافحُ أمجادك!
ورفاةُ أجدادنا تتلألأ في محابرك الغنّاء… معاً لنصنعَ بها جدائل للضوء فيبصر من لا يريد أن يبصر! جئناكَ لنرتقَ سفر الغفران الممزّق في وطن حزين مروجه لم تعد خضراء!
جئناك نشيّدُ للحبّ أبراجه المتصدعّة في زمن التصحّر الإنسانيّ والبؤس الإجتماعي الثقافيّ! فالحرب لم تنتهي يا يوسف، يا “ملحمة الملاحم”! اثنان وثلاثين ربيعاً والحرب لم تنتهي!
قد بدأت للتوّ حروبٌ من لون آخر وطعم أمرّ! ما تراها قد أينعت أقلامك ونزفت مآقيكَ ملحَها في قوارب الموت والهجرة إلى المجهول البعيد!
ما تراها قد دوّت في جلباب المدى أبواق أفكارك عندما هوت بيروت في مرفأ الدم والدمار!
سمعتُ مايا تهمس وتقول: هل رحل أبي وأخذ معه كلّ شيء! ألم تملَّ من الغياب يا أبي.
ربّما يا مايا، يا كريمة الأشقر! قد تململ من الهنا فسكن الهناك وترك في جعبة المجد أمجاداً وفي فلك الرواية رواياتٍ تدور وترقص حرّة أبيّة لا تقيدها أي غلائل ولا أي زيف تغريدات ولا أي معاول بلاستيكيّة تحفر أثلام الكرامة والإباء! كلّ واحدة أشرعتها تسابق أخيلة الريح في العصف والامتداد، في الزهد والخلد وضفر أكاليل الغار في ملاحم الكتّاب! دعيه يرقد بعيداً في صفوة ونقاء، فخلوده أن نعانق ظلاله نحن الهنا وهو الهناك! فما أسرجه لنا من أمطار أحزانه على حفافي الورق يُومض في كلّ زمان ومكان!
يا أحبّة
أربع دراسات ومداخلات في فكر اليوسفيّ الحبشي الأشقر تشنّف الليلة آذانكم وتثري صفحاتِ العددِ الأوّل من مجلّة اتحاد الكتّاب اللبنانيّين التي ستصدرُ قريباً جدّاً، وفيها النثر والشعرُ وشهد الكلام ووهجُ أقلام الكتّاب! فلتهزج صفحات الروض الأزرق والمحابر الزرقاء في علو هذا المقام الذي عملنا دأباً عليه في أقلّ من ستة أشهر من العام 2024، أي مذ تولّت الهيئة الإداريّة الجديدة مهامّها الثقافيّة في اتحاد الكتّاب اللبنانييّن. وبات شعارنا الأوحد: الكتّاب شعلة الوطن، وما من وطن يرقى وتلتئم جراحاته وتضفّره أكاليل المجد والكرامة إلا بقليل من الغار المخضوضر في أدبائه وشعرائه وفنّانيه ومثقّفيه.
شكراً لجميع من لبّى الدعوة وحضر اليوم رغم عناء الطريق من الجنوب الصامد والشمال النابض والبقاع الأخضر وجبل لبنان الأشم إلى بيروت التّي أحبّها يوسف حتى ثمالة الحروف والكلمات.
شكراً للمتحدثّين الليلة وشكراً من شغاف القلب ورعشة القلم لجمعيّة التخصص والتوجيه العلمي والقيّمين على إدارتها فالمحابر والأقلام ونسّاكهم في ضيافتهم هذا المساء.
وإلى ندوات تكريميّة أخرى، نلقاكم بخير في موائد من الخبز والورد والياسمين.
يوسف حبشي الأشقر أيّها الغائب الحاضر، زهاء اثنين وثلاثين عاماً ونحن الكتّاب نشمّ دخان غليونك!
أقول لك كما قلتُ لأبي ما ردّده يوماً:
نم على غار العلى مبتسماً يسهرُ الأرزُ إذا نام الحبيبُ