المجلةالمحكيّة اللبنانيّة

بنت البلد (قصيدة بيروت) – د. إلياس زغيب

بنت البلد (قصيدة بيروت)

د. إلياس زغيب

طالِع من خْيالي شجَر،

والدَّمع غصن العَين!

سْألت الطَّريق: لْوَين؟

قال: الدّني رمْية حجَر…

قال: الدّهر يومَين…

 

  • كان في صبيّه ريحِتا

من عطر لوَّن بسمِتا،

نسيت صابونة هالشّمس عا غرِّتا

رغوة زبَد…

 

  • كان في صبيّه بتشبه ولاد البلد

بتبيع ترمس ضحكِتا… مْواعيد،

وبتلِفّ بوراق الجريده لهفِتا

“فستق عبيد”،

وبتضيّفَك مع كلّ حبّه عيد…

وبساحة البرج العتيقه،

الموج بي حُضنا ولد!

 

  • كان في صبيّه مغنَّجه،

ما لا جلد

إلا تغنّي للصّبح؛

ولـمَّا الشّمس تنام؟

بِترِدّ لفتات المسا

عا كلّ تلّه حْرام…

وبإيد بتهزّ الدّني، وبإيد…

بترشرِش عيونا قمح تا تزقِّم طْيور الحمام!

 

حِليِت بِعَينُن؟ إي

ولاد اللي يلعَن سِمعِتُن،

عم ترجُف من الخوف كلما سِمْعِتُن

جايين، صَوبا بالحقد والنَّار…

وتا يمسَحوا خْيالُن عن اللي صار؟

جوَّزوها غصب عن حالا،

ورشُّوا المسافه رزّ وملبَّس سْكوت…

وهيّي خطيبا شاعر من الجرد،

طوّى لحاف البرد…

وعم يقطف مْواسم هنا،

للعرس: دبكه، وميجانا،

وزلغوطتين وأوف…:

“يا ميجانا يا ميجانا يا ميجانا       جنّوا العِدا وما فرَّقوا بيناتنا”

 

هِنّي اللي سِقيوها العَتَب،

ولَفُّوا عَ إيدا الغدر إسوارة دهَب

صارت غربيه ساكنه بهالحَيّ،

لا غصن يكتب فَيّ

لا طير يقصدها عَ شربِة مَيّ…

لِبسِت عيون قزاز ومواسم حَرير،

وقلبا انحبَس ما عاد يعطف عا فقير

إسما انسلَخ عن يوم ميلادا،

وبدلوا حروفو بإسم جلّادا:

التنّين يللي بلعِتو من سنين،

التنّين يللي هجَّر ولادا…

 

“بيروت” ساكنها الضّجر،

وليل اللي جِرحو ما انقطَبْ

نِعسوا الجرايد، وانمحى كل شي انكتَبْ،

“بيروت” ساكنها العتَبْ…

“بيروت” بنت الشّرق،

صارت مضافه للغُرب، للّي انأجَر

للّي شرب من مَيِّتا

ومن غربِتا،

ومن وحدِتا…

ورِمْيا بحجَر!

“بيروت” دمعه مِن “هيروشيما” التَّعب،

بِكيِت ولادا باللّهَب؛

ولـمَّا انحجَر… صوت القلب،

قلبا انفجَر!

 

يا هالصبيّه لْ سِكَّرا زْياده!

مِشتاق لبلادي…

وعا ليلِك اشتاق السّحِر،

وعا سوق بتنادي:

قومي انفضي هالغَيم لِرمادي!

قطفتِلِّك شويّة قصايد بِكر:

معنّى وقرّادي،

وسلِّة عتابا وميجانا، وموّال بَغدادي،

ومشلح الدّبكه محيّكو، والصّوت لبَّاده…

كرّي خْيوطو، ونجّدي لحاف البَحر

بكرا بيِجوا شُعْرا الدّني تا يتوّجوكِ بالحِبر،

بكرا بيِجوا ولادي…

قومي تا نقسم صبحنا متل الرّغيف،

ولا تِسأليني: كيف

طالع من خْيالي شجَر

حامل دمع للعَين،

وطربون أحمر بالحِلم مَلتوت؟

  • يا ساكنين العَرش والتابوت؟

عرفتوا الطّريق لوين،

وكيف الدَّهر يومين؟

 

بكرا صبح “بيروت” بيزيح الحجَر…

تا ترجّعوا “بيروت”،

ردّوا إلا لِبيوت!

تا ترجّعوا “بيروت”،

ردّولا الشَّجَر!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى