![](https://www.lebanesewriters.org.lb/wp-content/uploads/2025/01/Cover-780x470.jpg)
أ. د. محمد توفيق أبو علي
ونظرت
ونظرتُ في غَلَس الدُّجى
فرأيتُ وجهي في النّهار جميلا
ومضيتُ أقرأ في كتاب العمر قصّة حالمٍ
عبث الرّواة بنصّهِ
فأعاد صوغ بيانهِ
وأضاف في متن الكتاب فصولا
2- الرّيح تعزف لحن عاشقةٍ توارى حِبُّها
والرّملُ يشهد للغرام قتيلا
يسعى لإيقاظ النّخيل، فلا يرى وسْط السّراب نخيلا
ويؤوب نحو ذهولهِ
يرجوهُ وجْدًا للقِفار دليلا
3- وأعود أرقب في الفيافي واحةً
فأرى مرايا العاشقين صقيلةً
وأرى القصائد تستحيل غمامةً
وأرى الكهوف تشرّع الأبواب ضارعةً
لنورٍ خائفٍ كي يستطيع سبيلا
في دحر ليلٍ قاتمِ الظّلماتِ
دام طويلا
4- يا صبحيَ المقهور قُلْ:أيّان أفرحُ..قل: متى ستقول لي: مزن السّماء بغيثها
أنعم صباحًا أيّها المظلومُ… قمْ فكفاك تسرف حسرةً وعويلا
وكفاك تندب حظّك المشووم سرًّا في الدّجى
هيّا فضمّد نزف جرحك في الجهار وفي الضّحى
لا يبرئ السّرُّ الكتومُ عليلا
5- وجهرتُ بالسّرّ العظيم، فلاذ بي
كلّ الصّعاليك الذين تجمهروا
في ظلّ جرحٍ، ضمّدوه بجهرهمْ
فغدا كمرآةٍ لرملٍ حالمٍ
وغدتْ قفارُ الجدب واحاتٍ لخصبٍ كان أمسِ بخيلا
6- ورأيت في الصّحراء في وضح الضّحى، ما لا يُرى
إنّي رأيت الياسمين يضوع بوجدهِ
ويشير للأرض: ارْجَعي عن غيّك المغوي… أعيدي للزّمان ربيعهُ
فعلام تبقين الفصول كئيبةً
تعنو لقهرٍ من شتاء ظالمٍ؟
ومتى يؤوب إلى الرّبوع ربيعها؟
ومتى… متى تضحي الفصولُ ربيعا؟
7- وظننتُ ظنَّ السّوء بي
فلعلّني أضحيتُ في وهمٍ لحلمٍ يُشتهى
لكنّما طيفُ انهمارِ الشِّعْر طمأنَ خاطري
ورأيت رَهْطَ العاشقين تحلّقوا في عُصبةٍ
ورأيت رؤية مبصرٍ
قيسًا يذوب صبابة، وكثيّرًا وجميلا!
8- العنقاء والخلّ الوفيّ سحابةً صارا… وصارت في مرايا الجدب تهمي صورةً
تحيي اليباب… تميت في فيض الفصول مُحولا
وتحيل رمضاء الهجير خميلةً
غنّاءَ يحتضن الأماني فيئُها
وتلمُّ أشتاتًا لأحلامٍ نوتْ
مِنْ قَهْرِ جدبٍ في العيونِ رحيلا
9- ماأجمل الصّحراءَ يسكنها الهوى
والشّعر فيها سرّ عشّاق مضَوا
كتبوا على صفحات رملٍ وجْدَهُمْ
والرّيح كانت للصّبابة والهُيام رسولا
10- ومن البوادي نحو قُدْس اللّه تسري نجمةٌ
فتضيء للأفراس دربًا نحو صوتٍ كان يُدعى في الفلاة صهيلا
ويعيد للسّيف الكئيب بشاشة
فيؤوب برّاقًا يُشعُّ صقيلا
11- يا نخلُ لو تدري بما في البرتقالِ من الأنينِ، وما يكابدهُ من العشق الدّفينِ لواحةٍ، أضْحتْ ملاذ الحاملين فؤوسَ موتٍ، يمعنون بكلّ غصنٍ يُرتجى تقتيلا
ما أصعب العشق المدمّى حين يصبح عاشقٌ هيمانُ، من فَرْطِ الهُيامِ قتيلا
12- ومررتُ نحو الظّلّ أسكب دمعتي
فرأيتُ شمسًا تستظلّ غمامةً
وسمعت سجْعًا للحمام جميلا
فهُرِعتُ نحو الدّمع أرجو عفوهُ
وذرفتُه عند القوافي الظّامئات لشاعر يهوى النّخيل، ويتقن التّرتيلا
يستعذب الجَرَسَ الصَّخوبَ لِبِيعةٍ في القدس تعلن وجْدها
تينًا وزيتونًا ووشْم دمٍ سيبقى للحداة سبيلا
ويقول للعشّاق مهلًا واسمعوا:
“شيرينُ قد عَقَلَتْ زمانًا هائجًا بدمٍ يسيل صبابة، في غور عشقٍ قد سلاه العاشقون طويلا”